اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 389
انما لا يرون الكل وما يعتقدونه الا من لوائح تجلياته واشعة شئونه الذاتية وتطوراته لذلك نبه سبحانه في كتابه على عباده مخاطبا لحبيبه منبها عليه بان التدابير الكائنة انما تستند اليه تعالى وتصدر عنه بالاستقلال بلا مظاهر ومعين فقال متيمنا بِسْمِ اللَّهِ المتجلى على ظواهر الكائنات بأنواع التدبيرات الرَّحْمنِ لعموم عباده في النشأة الاولى بوفور العطيات الرَّحِيمِ لهم في النشأة الاخرى بأعظم المثوبات وارفع الدرجات
[الآيات]
المر ايها الإنسان الكامل اللبيب اللائق لملاحظة رموز آثار الوحدة الذاتية الإلهية اللائح من غرته الغراء مقتضيات لوامع الرشد والرضاء بعموم ما جرى عليه من القضاء تِلْكَ السورة المنزلة إليك يا أكمل الرسل آياتُ الْكِتابِ الجامع لفوائد الكتب المنزلة وأحكامها اى من جملة آياته وبعض منها وَايضا الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ قبل نزول هذه السورة مِنْ رَبِّكَ من الآيات الدالة على تهذيب الظاهر والباطن كلها هو الْحَقُّ المطابق للواقع النازل من عند الحكيم العليم وبالجملة عموم ما انزل إليك في كتابك هذا منجما حق مطابق للواقع بلا شك وارتياب في نزوله من لدنه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لانهماكهم في الغفلة والنسيان لا يُؤْمِنُونَ به ولا يصدقون بما فيه ولا يعتقدون بحقيته وحقية منزله وكيف لا يعتقدون حقيته أولئك الحمقى المعاندون إذ هو
اللَّهُ الواحد الأحد المبدئ الرفيع البديع الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ اى العلويات معلقا بِغَيْرِ عَمَدٍ وأساطين يعتمدن عليها ظاهرة كما تَرَوْنَها في بادى النظر لتكون أسبابا ووسائل للسفليات ثُمَّ لما رفعها وصورها على ابلغ النظام وابدعه اسْتَوى واستولى باسمه الرّحمن عَلَى الْعَرْشِ اى على عروش ذرائر الكائنات بالإظهار والإبراز وانواع التدبيرات المتعلقة لحفظها وإبقاء نظامها وانتظامها وَكذلك سَخَّرَ من بينها الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لتتميم التدبير كُلٌّ منهما يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى اى يدور دورة مقدرة شتاء وصيفا ربيعا وخريفا تكميلا لإصلاح ما يتعلق لمعاشهم وحفظهم وبالجملة يُدَبِّرُ الْأَمْرَ اى امر معاشكم على ما ينبغي ويليق بلا فتور وقصور يُفَصِّلُ لكم الْآياتِ ويوضح لكم الدلائل والشواهد الدالة على توحيده هكذا لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ رجاء ان تتفطنوا وتتيقنوا بوحدة موجدكم ومربيكم من الدلائل الواضحة والشواهد اللائحة
وَكيف لا تتفطنون ايها المجبولون على فطرة الفطنة والذكاء بموجدكم ومربيكم مع انه هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وفرشها مبسوطة وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ جبالا شامخات لتكون أوتادا لها وَاجرى عنها وفي خلالها ووهادها أَنْهاراً منتشئة منها جارية على وجه الأرض لا نبات ما تقتاتون وتتفكهون به عليها وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ قد جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ 4 ليكون سببا لدوامها وبقائها ولانضاجها وإصلاحها يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ اى يلبس الليل بالنهار لتسكين البرودة والنهار بالليل لتسكين الحرارة ليحصل الاعتدال في طبيعة الهوا المنضج وبالجملة إِنَّ فِي ذلِكَ الحكم والتدابير العجيبة لَآياتٍ دلائل واضحات وشواهد لائحات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ويتأملون في حكم الصانع الحكيم المدبر العليم
وَايضا من بدائع قدرته وغرائب حكمته انه قد حصل وظهر فِي الْأَرْضِ حسب تدبيره البديع قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ متماثلات في الطبيعة والمزاج وَحدثت ايضا فيها جَنَّاتٌ وبساتين مملوة مِنْ أَعْنابٍ في بعض أطرافها وَفي بعض زَرْعٌ وَفي البعض الآخر نَخِيلٌ مختلفة أنواعها بعضها صِنْوانٌ اى نخلات متكثرة وأصلها
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 389